نِظام الفِرقْ.. عندما يكون التّلميذ أحد هوامش العمليّة التّربويّة
''المدارس الريفية الممتدة في ولاية القصرين تكابد العزلة والفقر، منذ زمن بعيد، والآن نظام الفِرَق (نظام يرتكز على الجمع بين تلاميذ ينتمون لمستويين مختلفين في قسم وتوقيت واحد) مما يعمّق من أزمات مركّبة تعاني منها هذه المؤسسات التربوية... فعن أي تكافؤ فرص في التعليم العمومي نتحدث؟''
هكذا صرح عضو الفرع الجامعي للتعليم الأساسي بالقصرين ربيع الصالحي لموزاييك للحديث عن موضوع نظام بَرز منذ عقود واستفحل، ثم غاب بعدها لفترة وجيزة، وعاد في السنوات الفارطة داخل عدد من مؤسسات التعليم الابتدائي في ولاية القصرين.
وأكد الصالحي أن عدد المدارس الابتدائية "ذات نظام الفِرَق" قد بلغ 48 مؤسسة في جهة القصرين، في السنة الدراسية 2024-2025، وهو ما يُعتبر أحد أهم عوائق العملية التربوية في المنطقة، لتأثيره النفسي والاجتماعي والبيداغوجي على التلميذ والمعلم والعائلة، على حد السواء.
المعلّم والتلميذ ضحيّتان للنظام نفسه
"إن مهمة تدريس 3 أقسام، بنظام الفِرَق هي عملية مجهدة بدنيا وعبثية، في الوقت ذاته... أشعر بالحزن عندما أرى تلاميذي لا ينالون حقهم الطبيعي في التعلّم"، هكذا لخّص أستاذ تعليم ابتدائي في حديثه لموزاييك تجربته مع نظام الفِرق بأحد أرياف القصرين.
ويفسّر أستاذ التعليم الثانوي الذي يجمع في تدريسه بين صفّيْ السنة الأولى مع السنة الثانية، والسنة الثالثة مع السنة الرابعة، والسنة الخامسة مع السنة السادسة، لجوء مؤسسته التربوية إلى نظام الفِرَق لضعف عدد التلاميذ المرسمين في عدد من المستويات، وينتقد، في الوقت ذاته هذا الحل الذي أدى إلى قيام الأستاذ الواحد بعمل أستاذين بكراستيْن للدروس وبمحتويين إثنين في الحصة الواحدة.
وشدد على أن تقسيم الحصة بين مستويين يؤدي طبيعيا إلى التأثير على التحصيل العلمي والبيداغوجي للتلميذ.
الوليّ بدوره ينتقد
"المعلّم والتلميذ ليسا المتضرريْن الوحيديْن من عملية التعليم بالحد الأدنى الممكن، فكلفة التحصيل العلمي الضعيف في المدارس الابتدائية ذات نظام الفِرَق تنعكس سلبا على العائلة أيضاً خصوصا ببلوغ التلميذ المرحلة الإعدادية ثم الثانوية، وهو ما يدفع الولي للبحث لاحقا عن حلول أخرى بكلفة معتبرة لتدارك النواقص"، بهذه الكلمات لخّص رضا العمري أحد سكان معتمدية فوسانة بولاية القصرين، ما يجول ببال أولياء تلاميذ المدارس التي تشهد بروز نظام الفِرَق بين فصولها، خصوصا مع مواكبته لتجربة أبناء أخيه مع هذا النظام، في واحدة من مدارس القصرين.
وفي السياق ذاته، يقول العمري "إن مطالب الأولياء في منطقتنا بسيطة للغاية، وتتلخص أساسا في توفير أستاذ لكل قسم، بفصل واضح بين مختلف المستويات، لضمان تركيز التلميذ على المحتوى المقدم له دون غيره، وللاستثمار بيداغوجيا في الوقت المخصص لكل متمدرس".
نظام الفِرق ضربٌ لمصلحة التلميذ الفضلى
من جهة أخرى، أكدت الكاتبة العامة لنقابة المتفقدين للتعليم الأساسي بالقصرين والمتفقدة العامة للمدارس الابتدائية سلوى نصري لموزاييك أن نظام الفِرق، الذي يضرب مصلحة التلميذ الفضلى ومبدأ تكافؤ الفرص هو العامل الرئيسي لتدني النتائج المدرسية بعدد من المؤسسات التربوية.
وشددت النصري، في تصريحها لموزاييك، على أن ما يُعدّه المُدرّس وما يخطط له قبل الدرس يصبح من الصّعب تنزيله في القسم بسبب الاكتظاظ ونظام الفِرَق، الذي لا يحترم مبدأ الفردانية وبقية المبادئ الأساسية للتعليم.
وفي سياق مسترسل، أشارت الكاتبة العامة لنقابة المتفقدين للتعليم الأساسي بالقصرين والمتفقدة العامة للمدارس الابتدائية إلى الكلفة الهامة التي يتسبب فيها فشل التلميذ المدرسي، ومساهمتها في إثقال كاهل المؤسسة، منادية بحل نظام الفِرَق بصفة كليّة.
مندوبية التربية: نحن بصدد الجرد والتفاعل
من ناحية أخرى، كشف مصدر مطلع لموزاييك أن "المندوبية الجهوية للتربية بالقصرين بصدد الاطلاع وجرد المعطيات الخاصة بالاكتظاظ ونظام الفِرق، داخل عدد من المؤسسات التربوية في الجهة، على أن تبحث عن الحلول اللازمة، بالتنسيق مع وزارة التربية إثر الانتهاء من هذه المرحلة".
برهان اليحياوي